حجرة سيدنا الشيخ أبو محمد حسين ماضي... بلدة العبادية - لبنان
الشيخ أبو محمد حسين ماضي (١٧١٩ -١٨٠٩) من كبار الشخصيات الدينية الدرزية التي ظهرت بعد الدعوة. ولد في بلدة العبادية في الثاني عشر من شهر كانون الأول، في بيت دين وتقوى، وعندما بلغ الخامسة عشر من عمره، اعتزل الناس، واتخذ له مكاناً في أعالي القرية للتعبد وتحصيل العلم، ثم بنى له بيتاً للعبادة. وفي عام ١٧٤٢ بنى مجلساً مؤلفاً من غرفتين، في الزنبقية بين بتلون وكفرنبرخ، ما زال قائماً حتى اليوم. وقد لاحظ المقرّبون عكوفه على الصلاة والتدين والتقوى، فتردد عليه الإخوان، وكانوا يمكثون عنده زمناً طويلاً للتعليم والتبرك، فبنى لكل تلميذ غرفة بجانب مجلسه. وهكذا كان وما زال قسم منها قائمة حتى اليوم. ومع الوقت أصبح الشيخ حسين علماً من أعلام الدين، فاجتمع مشايخ الأركان مع زعماء الطائفة، وقرروا تعيينه شيخ عقل في البلاد. وعندما استلم مركز مشيخة العقل ارتاحت البلاد لرجاحة عقله، وسياسته الحكيمة. وقد خدم الشيخ مصلحة الإخوان وشؤون البلاد، واشتغل بصنع النسيج من الثياب له وللإخوان، وكان لا يأكل اللحم إلا نادراً، ولا يأكل الفاكهة إلا في أولها، وكان يصوم طوال يومه إلا في المساء يأكل من زرع يده. وقد أوصى لكل تلميذ شجرة جوز عند نبع الجوزات لا تزال إلى يومنا هذا. ثم زرع الشيخ حسين شجرة توت بجانب المقام ما زالت قائمة حتى هذا اليوم. وكان للشيخ حسين اتصال في حياته بالشيخ علي الفارس (ر)، والشيخ حسن طريف وأولاده، والشيخ أبو حسين علي شقير. وقد حضر جنازة الشيخ علي الفارس (ر) في جولس وصلى عليه.
وبالإضافة إلى المنزلة الدينية الكبيرة التي تمتع بها الشيخ حسين، كانت له مواقف بطولية مع كبار زعماء عصره، ومنهم ثلاثة ترتجف كل منطقة الشرق الأوسط عند ذكر أعمالهم الشنيعة، وهم السفاح أحمد باشا الجزار، والحاكم بشير الشهابي الثاني والقائد مصطفى آغا. والتاريخ يذكر قصته مع الجزار ، عندما حكم البلاد من قِبل الدروز حاكم باسم يوسف الشهابي، كان تحت وطأة الجزار وحكمه، وقد فرض يوسف الشهابي هذا ما سُمي في التاريخ بضريبة الشاشية عام ١٧٨٣ حيث فُرض على كل ذكر بالغ معدل قرشين إذا لف عمامته بقطعة القماش البيضاء، وكان المشايخ الدروز هم الوحيدون الذين يستعملون الشال حول الطربوش وغيرهم يستعمل الطربوش فقط. لذا قرر المشايخ التوجّه إلى الجزار أولاً لإبطال هذه الضريبة، وثانياً لعزل يوسف الشهابي عن الحكم، فتبرّع الشيخ حسين بأن يذهب بنفسه إلى الجزار، ويقابله وبعد هذه المقابلة ألغيت ضريبة الشاشية وعُزل يوسف الشهابي، وعُين مكانه بشير الشهابي الذي كان مع كل جبروته وسلطته، يخاف من الشيخ حسين. وقد زار الشيخ الأمير بشير في قصره، فوقف له الأمير بشير وقبّل يده، وما كانت هذه عادته تكبراً، فعيّرته امرأته شمس كيف يتصرف أمام هذا الرجل الفقير، فوعدها أنه في المرة القادمة لن يفعل ذلك، وفي المرة التالية وصل الشيخ إلى ديوان بشير الشهابي ودق بعصاه على الأرض من الخارج، فقام الأمير وخرج دون أن يرتدي حذاءه ولاقاه على الباب وقبل يده وأخذ يكرمه ويدعوه حتى أجلسه بجانبه. ولما خرج عيّرته امرأته شمس مرة أخرى، فقال لها، ألم ترين السبعيَْن على شمال ويمين الشيخ، كنت أود أن أكتم عنك هذا الأمر، لكنني أجبِرت على القول، إن سبب نعمتي ووصولي إلى الحكم يعود الفضل فيه لهذا الشيخ الفضيل. وهذا الشيخ الجليل إذا قال لرجال طائفته يدعوهم إلى القتال، يأتي كل منهم زاده على كتفه الأيمن، وبندقيته على كتفه الأيسر، دون أن يعارضوا رأيه. " وعندما توفي الشيخ حسين قام بشير الشهابي وبشير جنبلاط بحمل نعشه والسير به من الأمام تباركاً به.
وكان الموقف البطولي الثالث للشيخ حسين مع مصطفى آغا، الذي كان قائداً كبيراً أرسله الجزار عام ١٧٧٦ إلى بلاد الشوف لجباية الضرائب الباهظة، فاجتمع الناس في بيت الشيخ حسين طالبين الحماية، ولما وصل مصطفى آغا إلى الشيخ على رأس جيش كبير، وطلب منه بتحد دفع الضريبة أجابه الشيخ، أنه ظالم والناس في عوز شديد، فاشتد غضبه وسحب السيف من غمده ورفعه ليضرب به رأس الشيخ، فما لبث أن جمد السيف فوق رأسه، ويبست يده، فذعر ذعراً شديداً، وأخذ يرتجف ويستعطف الشيخ، بأن يعيده كما كان قائلاً : لا شك أنك ولي هذا الزمان، ولن أفعل معك شيئاً بعد الآن. قال له الشيخ: عدني أنك تخرج من هذه المنطقة وإلا تبقى كما أنت. فوعده ودعا له وعاد كما كان. وخرج من البلاد دون أن يجبي الضريبة.
وكانت للشيخ كرامات وحوادث دينية مبهرة ومنها أنه كان يحب السياحة البرية في الجبل، وأحيانا يسوح في الليل، وكان يجلس تحت شجرة سنديان يرتاح ويسند كتفيه على جذعها، وبعد وفاته أصبح للشجرة رائحة العطر الطيب، فعندما يقترب منها إنسان تفوح الرائحة، فنذرها الناس تكريماً للشيخ، وأخذوا يتبركون بها ويضعون قطع القماش عليها وهي موجودة حتى يومنا هذا. وعندما توفي الشيخ اشتركت زعامة البلاد الدينية والسياسية في جنازته وكانت تظاهرة شعبية كبيرة حيث خسرت المنطقة زعيما دينياً وقائداً وشخصية مرموقة. وقام الشيخ بشير جنبلاط ببناء مقام يضم ضريحه. وقد ظهرت في بناء المقام كرامة حيث أُحضِر الكلس للبناء وكان ذلك يتطلب كميات كبيرة من الماء، وعجزت النساء من إحضار الكمية المطلوبة على رؤوسهن، فتكدر الموجودون وكاد الكلس يحترق، وإذا بالمياه تنفجر قرب المقام، فاندهش الحاضرون وأخذت الرحمات والحسرات تصب فوق جثمان الشيخ، لما له من كرامات، وحضرت كافة النساء وتوجهن نحو المقام ليشاهدن هذه الكرامة. وكان معلم العمار نصرانياً فقال: لا أريد أجرتي لكنني سآخذ بعض القناني من الماء فأخذ منها وأصبح إذا مرض أحدهم عندهم يضع له من ذلك الماء فيشفى ومع استكمال البناء انقطعت المياه وغارت في الأرض. وفي الحروب التي جرت مؤخراً في لبنان احتمى السكان في المقام الشريف وسقطت على بلدة العبادية آلاف القنابل والقذائف ولم يصب، بعونه تعالى، أحد .
#مقامات_الموحدين_الدروز
druze_home
الشيخ أبو محمد حسين ماضي (١٧١٩ -١٨٠٩) من كبار الشخصيات الدينية الدرزية التي ظهرت بعد الدعوة. ولد في بلدة العبادية في الثاني عشر من شهر كانون الأول، في بيت دين وتقوى، وعندما بلغ الخامسة عشر من عمره، اعتزل الناس، واتخذ له مكاناً في أعالي القرية للتعبد وتحصيل العلم، ثم بنى له بيتاً للعبادة. وفي عام ١٧٤٢ بنى مجلساً مؤلفاً من غرفتين، في الزنبقية بين بتلون وكفرنبرخ، ما زال قائماً حتى اليوم. وقد لاحظ المقرّبون عكوفه على الصلاة والتدين والتقوى، فتردد عليه الإخوان، وكانوا يمكثون عنده زمناً طويلاً للتعليم والتبرك، فبنى لكل تلميذ غرفة بجانب مجلسه. وهكذا كان وما زال قسم منها قائمة حتى اليوم. ومع الوقت أصبح الشيخ حسين علماً من أعلام الدين، فاجتمع مشايخ الأركان مع زعماء الطائفة، وقرروا تعيينه شيخ عقل في البلاد. وعندما استلم مركز مشيخة العقل ارتاحت البلاد لرجاحة عقله، وسياسته الحكيمة. وقد خدم الشيخ مصلحة الإخوان وشؤون البلاد، واشتغل بصنع النسيج من الثياب له وللإخوان، وكان لا يأكل اللحم إلا نادراً، ولا يأكل الفاكهة إلا في أولها، وكان يصوم طوال يومه إلا في المساء يأكل من زرع يده. وقد أوصى لكل تلميذ شجرة جوز عند نبع الجوزات لا تزال إلى يومنا هذا. ثم زرع الشيخ حسين شجرة توت بجانب المقام ما زالت قائمة حتى هذا اليوم. وكان للشيخ حسين اتصال في حياته بالشيخ علي الفارس (ر)، والشيخ حسن طريف وأولاده، والشيخ أبو حسين علي شقير. وقد حضر جنازة الشيخ علي الفارس (ر) في جولس وصلى عليه.
وبالإضافة إلى المنزلة الدينية الكبيرة التي تمتع بها الشيخ حسين، كانت له مواقف بطولية مع كبار زعماء عصره، ومنهم ثلاثة ترتجف كل منطقة الشرق الأوسط عند ذكر أعمالهم الشنيعة، وهم السفاح أحمد باشا الجزار، والحاكم بشير الشهابي الثاني والقائد مصطفى آغا. والتاريخ يذكر قصته مع الجزار ، عندما حكم البلاد من قِبل الدروز حاكم باسم يوسف الشهابي، كان تحت وطأة الجزار وحكمه، وقد فرض يوسف الشهابي هذا ما سُمي في التاريخ بضريبة الشاشية عام ١٧٨٣ حيث فُرض على كل ذكر بالغ معدل قرشين إذا لف عمامته بقطعة القماش البيضاء، وكان المشايخ الدروز هم الوحيدون الذين يستعملون الشال حول الطربوش وغيرهم يستعمل الطربوش فقط. لذا قرر المشايخ التوجّه إلى الجزار أولاً لإبطال هذه الضريبة، وثانياً لعزل يوسف الشهابي عن الحكم، فتبرّع الشيخ حسين بأن يذهب بنفسه إلى الجزار، ويقابله وبعد هذه المقابلة ألغيت ضريبة الشاشية وعُزل يوسف الشهابي، وعُين مكانه بشير الشهابي الذي كان مع كل جبروته وسلطته، يخاف من الشيخ حسين. وقد زار الشيخ الأمير بشير في قصره، فوقف له الأمير بشير وقبّل يده، وما كانت هذه عادته تكبراً، فعيّرته امرأته شمس كيف يتصرف أمام هذا الرجل الفقير، فوعدها أنه في المرة القادمة لن يفعل ذلك، وفي المرة التالية وصل الشيخ إلى ديوان بشير الشهابي ودق بعصاه على الأرض من الخارج، فقام الأمير وخرج دون أن يرتدي حذاءه ولاقاه على الباب وقبل يده وأخذ يكرمه ويدعوه حتى أجلسه بجانبه. ولما خرج عيّرته امرأته شمس مرة أخرى، فقال لها، ألم ترين السبعيَْن على شمال ويمين الشيخ، كنت أود أن أكتم عنك هذا الأمر، لكنني أجبِرت على القول، إن سبب نعمتي ووصولي إلى الحكم يعود الفضل فيه لهذا الشيخ الفضيل. وهذا الشيخ الجليل إذا قال لرجال طائفته يدعوهم إلى القتال، يأتي كل منهم زاده على كتفه الأيمن، وبندقيته على كتفه الأيسر، دون أن يعارضوا رأيه. " وعندما توفي الشيخ حسين قام بشير الشهابي وبشير جنبلاط بحمل نعشه والسير به من الأمام تباركاً به.
وكان الموقف البطولي الثالث للشيخ حسين مع مصطفى آغا، الذي كان قائداً كبيراً أرسله الجزار عام ١٧٧٦ إلى بلاد الشوف لجباية الضرائب الباهظة، فاجتمع الناس في بيت الشيخ حسين طالبين الحماية، ولما وصل مصطفى آغا إلى الشيخ على رأس جيش كبير، وطلب منه بتحد دفع الضريبة أجابه الشيخ، أنه ظالم والناس في عوز شديد، فاشتد غضبه وسحب السيف من غمده ورفعه ليضرب به رأس الشيخ، فما لبث أن جمد السيف فوق رأسه، ويبست يده، فذعر ذعراً شديداً، وأخذ يرتجف ويستعطف الشيخ، بأن يعيده كما كان قائلاً : لا شك أنك ولي هذا الزمان، ولن أفعل معك شيئاً بعد الآن. قال له الشيخ: عدني أنك تخرج من هذه المنطقة وإلا تبقى كما أنت. فوعده ودعا له وعاد كما كان. وخرج من البلاد دون أن يجبي الضريبة.
وكانت للشيخ كرامات وحوادث دينية مبهرة ومنها أنه كان يحب السياحة البرية في الجبل، وأحيانا يسوح في الليل، وكان يجلس تحت شجرة سنديان يرتاح ويسند كتفيه على جذعها، وبعد وفاته أصبح للشجرة رائحة العطر الطيب، فعندما يقترب منها إنسان تفوح الرائحة، فنذرها الناس تكريماً للشيخ، وأخذوا يتبركون بها ويضعون قطع القماش عليها وهي موجودة حتى يومنا هذا. وعندما توفي الشيخ اشتركت زعامة البلاد الدينية والسياسية في جنازته وكانت تظاهرة شعبية كبيرة حيث خسرت المنطقة زعيما دينياً وقائداً وشخصية مرموقة. وقام الشيخ بشير جنبلاط ببناء مقام يضم ضريحه. وقد ظهرت في بناء المقام كرامة حيث أُحضِر الكلس للبناء وكان ذلك يتطلب كميات كبيرة من الماء، وعجزت النساء من إحضار الكمية المطلوبة على رؤوسهن، فتكدر الموجودون وكاد الكلس يحترق، وإذا بالمياه تنفجر قرب المقام، فاندهش الحاضرون وأخذت الرحمات والحسرات تصب فوق جثمان الشيخ، لما له من كرامات، وحضرت كافة النساء وتوجهن نحو المقام ليشاهدن هذه الكرامة. وكان معلم العمار نصرانياً فقال: لا أريد أجرتي لكنني سآخذ بعض القناني من الماء فأخذ منها وأصبح إذا مرض أحدهم عندهم يضع له من ذلك الماء فيشفى ومع استكمال البناء انقطعت المياه وغارت في الأرض. وفي الحروب التي جرت مؤخراً في لبنان احتمى السكان في المقام الشريف وسقطت على بلدة العبادية آلاف القنابل والقذائف ولم يصب، بعونه تعالى، أحد .
#مقامات_الموحدين_الدروز
druze_home
حجرة سيدنا الشيخ أبو محمد حسين ماضي... بلدة العبادية - لبنان
الشيخ أبو محمد حسين ماضي (١٧١٩ -١٨٠٩) من كبار الشخصيات الدينية الدرزية التي ظهرت بعد الدعوة. ولد في بلدة العبادية في الثاني عشر من شهر كانون الأول، في بيت دين وتقوى، وعندما بلغ الخامسة عشر من عمره، اعتزل الناس، واتخذ له مكاناً في أعالي القرية للتعبد وتحصيل العلم، ثم بنى له بيتاً للعبادة. وفي عام ١٧٤٢ بنى مجلساً مؤلفاً من غرفتين، في الزنبقية بين بتلون وكفرنبرخ، ما زال قائماً حتى اليوم. وقد لاحظ المقرّبون عكوفه على الصلاة والتدين والتقوى، فتردد عليه الإخوان، وكانوا يمكثون عنده زمناً طويلاً للتعليم والتبرك، فبنى لكل تلميذ غرفة بجانب مجلسه. وهكذا كان وما زال قسم منها قائمة حتى اليوم. ومع الوقت أصبح الشيخ حسين علماً من أعلام الدين، فاجتمع مشايخ الأركان مع زعماء الطائفة، وقرروا تعيينه شيخ عقل في البلاد. وعندما استلم مركز مشيخة العقل ارتاحت البلاد لرجاحة عقله، وسياسته الحكيمة. وقد خدم الشيخ مصلحة الإخوان وشؤون البلاد، واشتغل بصنع النسيج من الثياب له وللإخوان، وكان لا يأكل اللحم إلا نادراً، ولا يأكل الفاكهة إلا في أولها، وكان يصوم طوال يومه إلا في المساء يأكل من زرع يده. وقد أوصى لكل تلميذ شجرة جوز عند نبع الجوزات لا تزال إلى يومنا هذا. ثم زرع الشيخ حسين شجرة توت بجانب المقام ما زالت قائمة حتى هذا اليوم. وكان للشيخ حسين اتصال في حياته بالشيخ علي الفارس (ر)، والشيخ حسن طريف وأولاده، والشيخ أبو حسين علي شقير. وقد حضر جنازة الشيخ علي الفارس (ر) في جولس وصلى عليه.
وبالإضافة إلى المنزلة الدينية الكبيرة التي تمتع بها الشيخ حسين، كانت له مواقف بطولية مع كبار زعماء عصره، ومنهم ثلاثة ترتجف كل منطقة الشرق الأوسط عند ذكر أعمالهم الشنيعة، وهم السفاح أحمد باشا الجزار، والحاكم بشير الشهابي الثاني والقائد مصطفى آغا. والتاريخ يذكر قصته مع الجزار ، عندما حكم البلاد من قِبل الدروز حاكم باسم يوسف الشهابي، كان تحت وطأة الجزار وحكمه، وقد فرض يوسف الشهابي هذا ما سُمي في التاريخ بضريبة الشاشية عام ١٧٨٣ حيث فُرض على كل ذكر بالغ معدل قرشين إذا لف عمامته بقطعة القماش البيضاء، وكان المشايخ الدروز هم الوحيدون الذين يستعملون الشال حول الطربوش وغيرهم يستعمل الطربوش فقط. لذا قرر المشايخ التوجّه إلى الجزار أولاً لإبطال هذه الضريبة، وثانياً لعزل يوسف الشهابي عن الحكم، فتبرّع الشيخ حسين بأن يذهب بنفسه إلى الجزار، ويقابله وبعد هذه المقابلة ألغيت ضريبة الشاشية وعُزل يوسف الشهابي، وعُين مكانه بشير الشهابي الذي كان مع كل جبروته وسلطته، يخاف من الشيخ حسين. وقد زار الشيخ الأمير بشير في قصره، فوقف له الأمير بشير وقبّل يده، وما كانت هذه عادته تكبراً، فعيّرته امرأته شمس كيف يتصرف أمام هذا الرجل الفقير، فوعدها أنه في المرة القادمة لن يفعل ذلك، وفي المرة التالية وصل الشيخ إلى ديوان بشير الشهابي ودق بعصاه على الأرض من الخارج، فقام الأمير وخرج دون أن يرتدي حذاءه ولاقاه على الباب وقبل يده وأخذ يكرمه ويدعوه حتى أجلسه بجانبه. ولما خرج عيّرته امرأته شمس مرة أخرى، فقال لها، ألم ترين السبعيَْن على شمال ويمين الشيخ، كنت أود أن أكتم عنك هذا الأمر، لكنني أجبِرت على القول، إن سبب نعمتي ووصولي إلى الحكم يعود الفضل فيه لهذا الشيخ الفضيل. وهذا الشيخ الجليل إذا قال لرجال طائفته يدعوهم إلى القتال، يأتي كل منهم زاده على كتفه الأيمن، وبندقيته على كتفه الأيسر، دون أن يعارضوا رأيه. " وعندما توفي الشيخ حسين قام بشير الشهابي وبشير جنبلاط بحمل نعشه والسير به من الأمام تباركاً به.
وكان الموقف البطولي الثالث للشيخ حسين مع مصطفى آغا، الذي كان قائداً كبيراً أرسله الجزار عام ١٧٧٦ إلى بلاد الشوف لجباية الضرائب الباهظة، فاجتمع الناس في بيت الشيخ حسين طالبين الحماية، ولما وصل مصطفى آغا إلى الشيخ على رأس جيش كبير، وطلب منه بتحد دفع الضريبة أجابه الشيخ، أنه ظالم والناس في عوز شديد، فاشتد غضبه وسحب السيف من غمده ورفعه ليضرب به رأس الشيخ، فما لبث أن جمد السيف فوق رأسه، ويبست يده، فذعر ذعراً شديداً، وأخذ يرتجف ويستعطف الشيخ، بأن يعيده كما كان قائلاً : لا شك أنك ولي هذا الزمان، ولن أفعل معك شيئاً بعد الآن. قال له الشيخ: عدني أنك تخرج من هذه المنطقة وإلا تبقى كما أنت. فوعده ودعا له وعاد كما كان. وخرج من البلاد دون أن يجبي الضريبة.
وكانت للشيخ كرامات وحوادث دينية مبهرة ومنها أنه كان يحب السياحة البرية في الجبل، وأحيانا يسوح في الليل، وكان يجلس تحت شجرة سنديان يرتاح ويسند كتفيه على جذعها، وبعد وفاته أصبح للشجرة رائحة العطر الطيب، فعندما يقترب منها إنسان تفوح الرائحة، فنذرها الناس تكريماً للشيخ، وأخذوا يتبركون بها ويضعون قطع القماش عليها وهي موجودة حتى يومنا هذا. وعندما توفي الشيخ اشتركت زعامة البلاد الدينية والسياسية في جنازته وكانت تظاهرة شعبية كبيرة حيث خسرت المنطقة زعيما دينياً وقائداً وشخصية مرموقة. وقام الشيخ بشير جنبلاط ببناء مقام يضم ضريحه. وقد ظهرت في بناء المقام كرامة حيث أُحضِر الكلس للبناء وكان ذلك يتطلب كميات كبيرة من الماء، وعجزت النساء من إحضار الكمية المطلوبة على رؤوسهن، فتكدر الموجودون وكاد الكلس يحترق، وإذا بالمياه تنفجر قرب المقام، فاندهش الحاضرون وأخذت الرحمات والحسرات تصب فوق جثمان الشيخ، لما له من كرامات، وحضرت كافة النساء وتوجهن نحو المقام ليشاهدن هذه الكرامة. وكان معلم العمار نصرانياً فقال: لا أريد أجرتي لكنني سآخذ بعض القناني من الماء فأخذ منها وأصبح إذا مرض أحدهم عندهم يضع له من ذلك الماء فيشفى ومع استكمال البناء انقطعت المياه وغارت في الأرض. وفي الحروب التي جرت مؤخراً في لبنان احتمى السكان في المقام الشريف وسقطت على بلدة العبادية آلاف القنابل والقذائف ولم يصب، بعونه تعالى، أحد .
#مقامات_الموحدين_الدروز
druze_home

7 Comments
·2K Views
·1 Reviews